من هو محمد المقرمي ويكيبيديا، الداعية اليمني، سبب وفاته، مواليد، عقيدته، من اين، السيرة الذاتية
في زمن تسارع الحياة وتعقيد التحديات، يبرز بعض الأفراد كأضواء تُنير درب الآخرين، وتترك بصماتها الخالدة في الذاكرة الجماعية. من بين هؤلاء يتألق نجم الشيخ محمد المقرمي، المهندس الذي جمع بين دقة المهندس وشفافية الواعظ، ودقة التكنولوجيا ولطف الروح، ليشقّ طريقًا فريدًا بدأ في عالم الطيران، وبلغ ذروته في أحضان القرآن الكريم، حيث وجد غايته الأسمى.
محمد المقرمي ويكيبيديا
الشيخ محمد المقرمي داعية يمني ومهندس طيران سابق، من مواليد منطقة المقارمة بمحافظة تعز. بدأ مسيرته في مجال الطيران، لكنه ترك المجال التقني ليتفرغ لتدبر القرآن الكريم، حيث أمضى ست سنوات متتالية في خلوة قرآنية. عُرف بأسلوبه الفريد في ربط الآيات والمتشابهات، وألقى دروسًا مؤثرة في التأمل لاقت صدى واسعًا في العالم العربي. جمع بين العلم والإيمان، وكان قدوة في التواضع والإخلاص. توفي في مكة المكرمة عام 2025 وهو يستعد لصلاة الفجر، تاركًا إرثًا روحيًا عميقًا في نفوس أحبائه وطلابه.
نشأة محمد المقرمي وبداياته
وُلد الشيخ محمد بن عبد الله المقرمي في منطقة المقارمة بمديرية الشمايتين بمحافظة تعز، اليمن. تشتهر هذه المنطقة بتراثها الثقافي والديني الغني، وبإنتاجها العديد من العلماء والمفكرين. نشأ في بيئة متواضعة، لكنها مشبعة بالقيم الإيمانية والروحية، مما ساهم في صقل شخصيته واتزانه وشغفه بالعلم منذ صغره.
أكمل دراسته الجامعية في الهندسة الكهربائية، ثم تخصص في هندسة الطيران المدني. شغل عدة مناصب فنية وإدارية، منها مدير الإدارة الفنية بمطار الحديدة، قبل أن ينتقل إلى مركز الطيران المدني بصنعاء. تميز في عمله بدقة متناهية، وكان يتقن اللغتين العربية والإنجليزية. كما كان بارعًا في الرياضيات والفيزياء، وحاصلًا على الحزام الأسود في الكاراتيه، مما يعكس تنوع اهتماماته واتساع مهاراته.
نقطة تحول محمد المقرمي : من الميكانيكا إلى المعاني
على الرغم من انخراطه في عالم الطيران والآلات، لم يغفل المقرمي يومًا عن البعد الروحاني. ومع مرور الوقت، بدأ يشعر بفراغ داخلي لم تملأه الإنجازات المهنية. وجاءت نقطة التحول الحاسمة عندما انتقل من وظيفة فنية إلى وظيفة إدارية، مما أتاح له وقتًا للتأمل والتفكر. بدأ يقضي ليالي ناظرًا إلى السماء، متأملًا في عظمة الخلق، ومتسائلًا عن غاية الوجود، حتى قرر التفرغ للقرآن الكريم.
دخل الشيخ في عزلة قرآنية دامت ست سنوات، انغمس خلالها في التلاوة والتأمل والخلوة. وتعمقت صلته بالقرآن حتى أنه كان يختمه في يوم واحد. وبدأ يبتكر أسلوبًا فريدًا في ربط الآيات والمتشابهات، يقرأ القرآن كما لو كان صفحة واحدة، ويستخرج من النصوص معانٍ دقيقة لا نجدها في كتب التفسير التقليدية.
منهج الشيخ محمد المقرمي في التدبر القرآني
ما يميز الشيخ المقرمي عن غيره من الدعاة هو منهجه الفريد في التدبر، القائم على قراءة القرآن بروح واحدة، وربط الآيات والمتشابهات، واستخراج المعاني الدقيقة والعميقة. لم يكتفِ بتقديم تفسيرات سطحية، بل غاص في أعماق النص، مقدمًا إياه من جديد بروح معاصرة تلامس القلب والعقل. كان يقول: “القرآن ليس كتابًا يُقرأ فقط، بل هو حياة تُعاش”.
أصبحت محاضراته ودروسه، سواءً في المساجد أو عبر المنصات الرقمية، مرجعًا لطلاب العلم والباحثين. تميّز بأسلوب يجمع بين البساطة والعمق، وحضور هادئ ذي تأثير قوي. لم يكن خطيبًا صاخبًا، بل كانت كلماته تُلامس النفوس، وتُوقظ القلوب، وتعيدها إلى خالقها.
وفاة محمد المقرمي
في فجر يوم الأربعاء الموافق 26 نوفمبر 2025، بمكة المكرمة، انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ محمد المقرمي وهو يستعد لصلاة الفجر. كانت وفاته مفاجئة، لكنها جاءت في لحظة زاهية، تُلهم الروح، وتُنهي حياة رجلٍ نذر حياته لخدمة القرآن الكريم ونشر الدين.
نعاه آلافٌ من مُحبيه، وأعرب الكثيرون عن حزنهم العميق على رحيله، مؤكدين أن رحيله ترك فراغًا كبيرًا في مجال الدعوة الإسلامية. كما نعت وزارة الأوقاف اليمنية الشيخ، وأعلنت عن عزمها طباعة ونشر أعماله في الدعوة الإسلامية، تخليدًا لذكراه وتكريمًا لإسهاماته.
الخاتمة للشيخ محمد المقرمي
إن حياة الشيخ محمد المقرمي ليست مجرد قصة رجلٍ تنقل بين المهن، بل هي ملحمة روحية وإنسانية تُجسّد كيف يُمكن للإنسان أن يُعيد اكتشاف ذاته، مُستهديًا بنور الوحي الإلهي، ويجعل من حياته رسالةً هادفة. لقد أثبت أن العلم لا يُناقض الإيمان، وأن التكنولوجيا لا تُقصي الروح، بل يُمكن أن تكون جسرًا إليها. رحل الشيخ المقرمي، لكن صوته لا يزال يُصدح في المساجد، ودروسه لا تزال تُنشر عبر الإنترنت، وأثره لا يزال في نفوس من عرفوه أو سمعوه. كان مهندسًا، لكنه اختار أن يكون مهندسًا للقلوب، يبنيها بالإيمان، ويصقلها بالقرآن، ويهديها إلى الله. رحم الله الشيخ محمد المقرمي، وجعل القرآن شفيعه، وجزاه عن الأمة خير الجزاء.
